عرض المقال
أسامة الشيخ
2013-01-07 الأثنين
هناك بشر يقال عنهم: «يمسكوا التراب يبقى دهب»، لم أكن قد عرفتهم حتى قابلت المهندس أسامة الشيخ، هذا الرجل الذى كانت لديه عصا سحرية خفية ما إن تمس القناة الفضائية أو المؤسسة الإعلامية التى يؤسسها أو يعمل فيها حتى تنطلق ويصعد نجمها لتصبح فى الصدارة، قابلته مرة واحدة فى حياتى عند إنشاء قناة «دريم» ولكن حديثه عن الإعلام ولمحاته الذكية عن شخصيات اكتشفها بنظرته الثاقبة وجعلها ترتقى سلم النجومية بسرعة الصاروخ بالرغم من عدم وجود أى سابقة تليفزيونية لهم ما زال يرن فى أذنى دليلاً على معنى الخبرة وأهميتها فى العمل الإعلامى، هذا الرجل الذى أسس قناة «إيه آر تى» عندما كانت الجواد الرابح الوحيد فى سباق الفضائيات العربية، ثم أنشأ قناة «دريم» أول قناة فضائية مستقلة مصرية واشترك مع د.هالة سرحان والأستاذ أسامة عز الدين فى وضع اللبنات الأولى لمشروع هذه القناة التى ولدت عملاقة منذ اليوم الأول، منح الفرصة لإبراهيم عيسى ومحمود سعد وغيرهما من المذيعين والمخرجين والمعدين الذين تقوم على أكتافهم الآن فضائيات يشار إليها بالبنان، وبعدها رحل بعصاه السحرية للكويت التى عرفت من هو أسامة الشيخ العاشق للبناء من الصفر، فصنع لهم قناة «الراى» الكويتية ثم عاد إلى مصر جندياً فى كتيبة الإعلام المصرى برغم نصائح الأصدقاء بألا ينخرط فى هذه المؤسسة التى كان قد قتلها الروتين وأكلها الفساد والتى سيخسر فيها أكثر مما يكسب ولكنه أصر من منطلق غيرته المصرية وحزنه على خروج إعلام مصر الحكومى من المنافسة الإعلامية وتحدى الجميع بأنه سيستطيع جذب المشاهد المصرى إلى الشاشة مرة أخرى وبالفعل نجح خاصة فى مجال الدراما والبرامج وصارت كلمة «حصرى» على التليفزيون المصرى تقال بمنتهى الثقة وتنافست شركات الإعلانات على نيل رضا التليفزيون المصرى، باختصار منح أسامة الشيخ قبلة الحياة للتليفزيون المصرى بعد أن كان فى الإنعاش.
قضية أسامة الشيخ، مشكلتها أنه لايوجد خبراء إعلام يستعين بهم القضاء من وزارة العدل مثل خبراء الطب الشرعى، هذه هى المشكلة الحقيقية، فالطبيب الشرعى الذى ينتمى إلى وزارة العدل يكتب تقريراً يستطيع أن يحدد فيه توقيت الجريمة وطريقتها بالتفصيل نتيجة الخبرة، لكن من هو الشخص الخبير فى وزارة العدل الذى يستطيع تقييم سعر مسلسل لعادل إمام أو وحيد حامد وهل يجب التعامل مع المسلسلات الدرامية كبضاعة «المانيفاتورة» وخضار سوق العبور؟!!، المشكلة التى لايستطيع غير الخبير الإعلامى الماهر الحاذق أن يعرفها هى كيف نكسب فى المنافسة الإعلامية الشرسة، وأن هناك فرقاً بين مناقصات المقاولات وشراء المسلسلات.
أسامه الشيخ، محترف فى زمن الهواة وعاشق فى زمن الكراهية وخبير فى زمن الفهلوة.